المجوهرات الذهبية يعتقد الكثير أنها مصنوعة من الذهب الخالص ، لكن هذا خطأ لأن الذهب الخالص لا يليق لصنع مجوهرات و حلي على حاله ، لأن هذه الاخيرة ان صنعت كليا من مادة الذهب فان اسعارها ستكون مرتفعة جدا و لن يكون بمقدور العامة اقتناءها ، هذا من ناحية و من ناحية اخرى فانها ستكون سهلة للكسر و التلف لان معدن الذهب الخالص النقي لين جدا و لا يكون قوامه مناسبا لصنع المجوهرات.
لماذا لا تصنع المجوهرات من الذهب النقي 100 % ؟
ان الذهب الخالص يعني عيار 24 قيراط هو معدن عالي الكثافة و الليونة ، بمعنى انك حتى ان طبقت ضغطا خفيفا على قطعة منها فانها تتأثر بسهولة ليتغير شكلها ، و قد كان الاوائل يكشفون عن الذهب الخالص بواسطة عضه بين اسنانهم ، فان كان لينا و انغرزت الاسنان فيه بسهولة فانه ذهب خالص و ان لم يحدث ذلك فانه مغشوش او معدن آخر .
لذلك فان صنع المجوهرات من هذا المعدن في شكله الخالص يعد مستحيلا ، فلو تم صنع قطعة حلي من الذهب الخالص فانه يجب على مستعملها ان يحفظها في مكان و لا يجب لبسها او التحلي بها ، لانه لو فعل ذلك فانها ستتأثر بكل حركة او ملامسة و يتغير شكلها في اقصر وقت ، و السبب الثاني ان هذه القطعة المصنوعة من الذهب الخالص سيكون وزنها كبيرا جدا مقارنة بمثيلاتها المصنوعة من معادن اخرى ، لذلك لجأ خبراء المجوهرات و المصوغات الى اضافة مادة اخرى الى الخالص تكون قاصية و تحفظ له شكله .
ماذا نضيف الى الذهب الخالص ليحافظ على صلابته ؟
لصناعة المجوهرات من الذهب الخالص ينبغي على الصائغ اضافة كميات محددة من معادن معينة لحفظ الصلابة و اللون ، و من بين هذه المعادن هناك النحاس و الفضة ، فلو طبقنا نفس الشروط المذكورة سابقا بالنسبة للذهب على قطعتين من النحاس و الفضة فانهما لن يتأثرا بسهولة بعامل الضغط او غيره ، لذلك فان اضافة كمية من هذه المواد يكون لزاما لصياغة الذهب .
قيراط الذهب يتناقص باضافة النحاس او الفضة :
يكون الذهب في حالته النقية 24 قيراط و مقدار هذه النقاوة هو 99.999 و في هذه الحالة يكون معدنا لينا و كثيفا ، و لاكسابه الصلابة و المتانة يتعين علينا اضافة مقدار معين من النحاس او الفضة اليه ، و النحاس هو المستعمل عموما و كثيرا في هذه العملية ، و اقل قيراط معروف هو الذهب 18 قيراط و الذي تكون فيه نسبة المادة المضافة للذهب هي 25% من اجمالي وزنه ، بمعنى تكون نسبة الذهب 75% في القطعة ذات عيار 18 قيراط ، كما ان هناك ذهبا يكون عيار 21 قيراط ، و يعتبر اكثر نقاة و اقل صلابة بعض الشيء ، حيث تكون فيه نسبة الذهب 91% فقط و 9% الباقية هي المادة المضافة .
1 كيلوغرام من الذهب عيار 21 قيراطيحتوي على 90 غرام من النحاس .
و ذهب عيار 18 قيراط يحتوي على 250 غرام من النحاس.
و هذا ليس غشا بل هي مقاييس عالمية يعتمدها صائغي الذهب حول العالم .
ذهب مغشوش يباع في الاسواق :
ذكرنا انه من الطبيعي اضافة مواد اخرى للذهب ليكسب الصلابة ، لكن هناك من الصاغة سامحهم الله الذين يقومون بخلط الذهب بنسبة كبيرة من النحاس حتى نزل الى اقل من 14 قيراط ، و يوهمون الناس بانه ذهب مستورد و لا شك فيه ، لكنه في الحقيقة نحاس فيه نسبة قليلة من الذهب ، و عادة ما يكون هؤلاء الصائغين غير معتمدين قانونا و ورشاتهم تتواجد في مناطق خفية ضمن الاحياء الشعبية ، و قد وصبل بهم الامر حتى الى تزوير الماركات العالمية مثل غرازيلا الايطالية GRAZIELLA و غيرها ، كما انهم يقومون بوضع القطع الحديدية الثقيلة داخل الحلي ذات الحجم الكبير مثل الاساور و المعاصم ليكون الوزن كبيرا و بالتالي فان ربحهم سيكون وفيرا ، و لا تقتصر عمليات الغش هذه على منطقة او دولة معينة بل هي منتشرة عبر العالم ، و منها من الدلو من تختص بتصدير الذهب المغشوش الى الكثير من الدول الاخرى عن طريق تجار يعملون في هذا المجال ، و تعتمد هذه العملية اساسا على التهريب.
ما هو نوع النحاس الذي يضاف الى الذهب ؟
ان النحاس الجيد الذي يصلح ليضاف الى الذهب الخالص او غيره هو النحاس الاحمر النقي ، و هو نادر بعض الشيء في ايامنا هذه لان كل الخردوات التي يروج لها انها مصنوعة من النحاس هي في الحقيقة مصنوعة من البرونز او خلائط اخرى ، فالصنابير المائية و مواسير المياه و الغاز و قضبان التلحيم ... و غيرها كلها مصنوعة من البرونز ، و الدليل انها بعد مدة من الاستعمال يتغير لونها و تتآكل ، اما النحاس الاحمر فانه يظل محافظا على بريقه طول الوقت و حتى و ان اكتسب طبقة من الاوكسيد فان حامض الليمون كفيل بمعالجتها ليرجع له بريقه.
و النحاس الاحمر مازال موجودا فقط على شكل اواني قديمة مثل القصاع و الصنابير و كذلك المهراس النحاسي و الكثير من القطع النقدية المصنوعة من هذه المادة ، و كثيرا ما سمعنا الشائعات التي تتكلم عن شراء مثل هذه المستلزمات باسعار خيالية ، و الهدف منها هو اضفتها الى القليل من الذهب لتصبح كنزا ثمينا يستفيد منه المحتالون و الغشاشون.
قصة حقيقية عاشها صديق مع الذهب المغشوش :
لي صديق قصد في احد الايام احد محلات بيع الذهب بمدينتنا و قام بشراء معصم من الذهب ذو حجم كبير ، و طالب صاحب المحل بوثيقة تثبت عياره و سعره و تم ذلك بالفعل ، و ذلك ليقدمه كهدية لاخته الصغرى بمناسبة زواجها ، و بعد مدة حوالي 8 اشهر قالت الاخت لاخيها ان يبيع لها ذلك المعصم لانه لم يعد يعجبها فقد اعوج و تغير لونه لتشتري بثمنه مجوهرات اخرى ، حمله صديقي و قصد نفس المحل الذي اشتراه منه ، و عندما وصل اخبره بانه ينوي بيع معصم من الذهب فقال له مرحبا بك فانا ساشتريه من عندك و قد نسيه و لم يعرفه.
يقول صديقي أن صاحب المحل عندما راى المعصم قال لي بان هذا النوع من المجوهرات غير جيد و عياره منخفض جدا بالاضافة الى انه يوجد بداخله حلقات من الحديد لزيادة الوزن و ليكسب صلابة اكبر ، فهم صديقي الامر و لم يتكلم سوى انه قال له ساقبل عرضك مهما كان ، قال : عندما وضعه في الميزان كان الوزن اقل بكثير مما هو مسجل في الفاتورة التي في جيبي ، بالاضافة الى انه قال لي سننقص من وزنه 15 غرام ، و عندما ساله صديقي عن السبب قام يقطع المعصم الى طزئين و قام باخراج حلقتين من الحديد من داخله قائلا لي ان الـ 15 غرام وزن هاتين الحلقتين ، و عرض علي سعرا لا يساوي حتى نصف المبلغ الذي دفعته له عند شراءه اول مرة .
قال صديقي : عندما اتممنا المفاوضات و هم بحساب مبلغ الشراء ليقدمه لي ، اخرجت الفاتورة من جيبي قائلا له :
امامك خيارين اما ان تزنه كاملا و تحسبه بسعر الذهب في هذه اللحظة ، و اما ان اتصل بالشرطة لتفصل بيننا ، لانني اشتريت هذه القطعة من عندك منذ 8 اشهر فقط ، قال: اصفر وجهه و لم يجد ما يقله سوى انه طبق ماطلبته منه فقط.
